بدأ مسؤولون وخبراء أفارقة مؤتمرا يستمر ثلاثة أيام في العاصمة الكينية نيروبي لمناقشة تعزيز الأمن الغذائي في القارة. بمشاركة أكثر من ألف مندوب، من بينهم مسؤولون كبار وعلماء من 20 دولة أفريقية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، يعد هذا الحدث جزءا من سلسلة من الجهود التي تبذلها أفريقيا والأمم المتحدة لضمان إمدادات الغذاء في القارة، والتي كانت دائما "نقطة ساخنة" للأمن الغذائي.
صورة توضيحية. (المصدر: وكالة فرانس برس/وكالة الأنباء الفيتنامية)
المخاطر موجودة دائما
إن عدم القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الإمدادات يجعل الأمن الغذائي في أفريقيا هشًا للغاية. إن القارة معرضة للصدمات الخارجية، بما في ذلك اضطرابات سلسلة التوريد الناجمة عن الصراع في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، هناك حقيقة في أفريقيا، وهي أنه على الرغم من إمكاناتها الكبيرة في الموارد الطبيعية والموارد البشرية، فإن العديد من البلدان الأفريقية تظل دائماً على حافة المجاعة، بسبب الصراعات والبنية الأساسية الزراعية الضعيفة والتأثير الشديد لتغير المناخ.
قال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إن جنوب السودان لديه القدرة على أن يصبح سلة الخبز لشرق أفريقيا، لكن أزمة المناخ والأزمة الاقتصادية وعدم الاستقرار تؤثر بشكل خطير على الإنتاجية الزراعية والثروة الحيوانية وإمدادات الغذاء في البلاد. وتشير الإحصاءات إلى أن 4% فقط من الأراضي الزراعية في جنوب السودان مزروعة حالياً، في حين يعيش 80% من شباب البلاد في المناطق الريفية.
وفي الوقت نفسه، تنشأ حالات الطوارئ الإنسانية في العديد من البلدان نتيجة لمزيج من الصراعات وتغير المناخ وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود. أعلن الرئيس النيجيري مؤخرا حالة الطوارئ للتعامل مع التضخم المرتفع الذي يهدد الأمن الغذائي في أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان.
تواجه نيجيريا مجموعة من التحديات في قطاعها الزراعي، بما في ذلك الصراع بين المزارعين ومربي الماشية، وتأثير تغير المناخ، والوصول المحدود إلى تقنيات الزراعة الحديثة، وتهديد زيادة الآفات والأمراض التي تؤثر بشكل كبير على إنتاج الغذاء وتؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وتخطط الحكومة لاستخدام جزء من الوفورات الناتجة عن إنهاء برنامج دعم الوقود لتحسين القطاع الزراعي على المدى القصير.
وفي السودان، تساهم اضطرابات سلسلة التوريد والنزوح والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب القتال بين الجيش السوداني وجماعة الدعم السريع شبه العسكرية في ارتفاع معدلات الجوع. وتشير التقديرات إلى أن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد في السودان يرتفع بشكل أسرع من المتوقع، إلى 20.3 مليون شخص، أو 42% من سكان الدولة الواقعة في شرق أفريقيا.
وتتفاقم أزمة الغذاء بسبب عدم استقرار إمدادات الغذاء والأسعار. قالت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في تقرير حديث إن مؤشر أسعار الغذاء العالمية ارتفع في يوليو تموز بعد عامين من أدنى مستوياته مع ارتفاع أسعار الزيوت النباتية بسبب التوترات بشأن صادرات الحبوب من أوكرانيا والمخاوف بشأن إنتاج الغذاء العالمي.
دفعت الشكوك حول صادرات الحبوب الأوكرانية بعد انسحاب روسيا من مبادرة الحبوب في البحر الأسود والطقس الجاف في أمريكا الشمالية أسعار القمح والأرز إلى أعلى مستوياتها في نحو 12 عاما، بعد أن حظرت الهند صادرات الأرز. إن ارتفاع أسعار الأرز، وخاصة قضايا الأمن الغذائي، يؤثر على جزء كبير من سكان العالم، بما في ذلك أفقر سكان أفريقيا.
"المفتاح" لحل المشكلة
تظل أفريقيا مستورداً صافياً للغذاء، على الرغم من مساحاتها الزراعية الشاسعة وقوتها العاملة الشابة الوفيرة. إن استغلال الإمكانات المتاحة والاستفادة منها بدعم من التكنولوجيا يمكن أن يساعد أفريقيا على تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء. وهذه أيضاً قضية مثيرة للقلق، وقد تمت مناقشتها في قمة الأمم المتحدة الأخيرة بشأن نظم الأغذية، التي ركزت على تحويل النظم الزراعية.
وأكد الخبراء على أهمية تعزيز التكنولوجيا ودعم المزارعين وإقامة الشراكات والتكيف مع تغير المناخ لتعزيز تحول النظام الزراعي الغذائي. وتشمل بعض الحلول التي تم ذكرها الزراعة الشبابية، وتقديم إعانات خاصة للمزارعين لزراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل وزيادة التبادل، إلى جانب دعم العلوم والتكنولوجيا المتقدمة. ويمكن اعتبار هذا "المفتاح" لحل مشكلة الأمن الغذائي.
مؤتمر كينيا حول استخدام الأقمار الصناعية لتعزيز الأمن الغذائي هو المؤتمر الدولي السابع الذي ينظمه مركز رسم خرائط الموارد من أجل التنمية (RCMRD). وفي كلمته في افتتاح المؤتمر، قال الدكتور ماهامان بشير سالي، كبير مسؤولي العلوم في مفوضية الاتحاد الأفريقي، إن صور الأقمار الصناعية يمكن أن تساعد الحكومات الأفريقية في مراقبة المحاصيل الغذائية في الحقول بشكل فعال. وأضاف أن المراقبة في الوقت الحقيقي يمكن أن تساعد البلدان على التخطيط من خلال القدرة على التنبؤ بدقة بحصاد المزارعين.
وهذا هو رأي السيدة حسنة مبارك، رئيسة فريق الحوكمة والموارد الطبيعية في مكتب منظمة الأغذية والزراعة في كينيا. وبحسب السيدة مبارك، فإن أفريقيا قادرة على تحقيق النجاح في القطاع الزراعي من خلال مراقبة الحقول بمساعدة الأقمار الصناعية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضًا استخدام صور الأقمار الصناعية للكشف عن آفات المحاصيل والاستجابة لها.
وفي مؤتمر عقد في كينيا، قالت وزيرة الأراضي والإسكان والتنمية الحضرية الأوغندية، جوديث ناباكوبا، إن أفريقيا بحاجة إلى استغلال أحدث الإنجازات في علوم الفضاء لضمان الأمن الغذائي.
وقال كولينز مارانجو، رئيس قسم وقاية النبات وسلامة الأغذية في وزارة الزراعة وتنمية الثروة الحيوانية في كينيا، إن أجهزة مراقبة الأرض مثل الأقمار الصناعية يمكن أن تساعد أفريقيا على التنبؤ بالطقس بشكل أفضل لتوجيه المزارعين لتحسين إنتاج المحاصيل والإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضًا استخدام صور الأقمار الصناعية لمراقبة "صحة" التربة بشكل فعال لتقليل الحاجة إلى استخدام المبيدات الحشرية.
وفي مواجهة الحاجة الملحة لمعالجة قضية الأمن الغذائي، قال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة إن العالم لا يستطيع تحقيق أهداف التنمية المستدامة إلا من خلال تحويل النظم الغذائية الزراعية. وأكد أن المنظمة ستواصل الدعوة إلى الاعتراف بالأغذية والزراعة كجزء من نظام مترابط، حيث تشمل الجهود المبذولة لتحويل النظام الزراعي العالمي عددا من القطاعات، بما في ذلك الزراعة والمناخ والتنوع البيولوجي والتجارة والتغذية.
وبحسب منظمات الأمم المتحدة، فإن الاستثمار في التنمية الزراعية وتسهيل تنفيذ السياسات من شأنه أن يساعد على تحسين الأمن الغذائي على المدى الطويل، فضلاً عن خلق المزيد من فرص العمل في المناطق الريفية.
تعمل وكالات الأغذية التابعة للأمم المتحدة والدول الأفريقية على إيجاد حلول لتحسين الموارد وتعزيز التعاون والتنسيق على المستويات العالمية والإقليمية والوطنية لمساعدة أفريقيا على معالجة الأمن الغذائي. ويعد التعاون في تحويل النظم الزراعية وتطبيق التكنولوجيا لمراقبة أنظمة المحاصيل من العوامل المهمة في إيجاد حلول لمشاكل الأمن الغذائي في القارة السوداء.
وفقًا لصحيفة نهان دان
[إعلان 2]
مصدر
تعليق (0)