فيما يلي مقال بقلم السيد يارون ماير، سفير إسرائيل في فيتنام:
تشكل الأزمات المرتبطة بتغير المناخ وندرة المياه تحديات عالمية كبرى. مع تفاقم أزمة المناخ لندرة المياه، تؤدي ممارسات استخدام المياه غير المستدامة إلى إطلاق الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مما يخلق حلقة خطيرة.
لقد قامت إسرائيل، التي تواجه تحديات المياه بسبب مناخها الجاف، بتطوير نموذج اقتصاد مائي دائري لا يعالج احتياجات المياه فحسب، بل يقلل أيضًا من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بشكل فعال.
وتنبع تحديات المياه التي تواجه إسرائيل من بيئتها القاحلة إلى حد كبير، حيث أن حوالي 60% من مساحة البلاد عبارة عن صحراء أو شبه صحراوية. على الرغم من موارد المياه المحدودة، تمكنت إسرائيل من الحفاظ على الزراعة الفعالة. وتوفر إسرائيل ما يكفي من المياه لسكانها المتزايدين، وحوالي 100 مليون متر مكعب سنويا للأردن، و100 مليون متر مكعب أخرى سنويا للسلطة الفلسطينية.
تعد تحلية مياه البحر المصدر الرئيسي للمياه في إسرائيل، حيث يتم حاليًا استخراج غالبية المياه العذبة من البحر الأبيض المتوسط. وتخطط إسرائيل بحلول عام 2030 لمعالجة 300 مليون متر مكعب إضافية من المياه سنويا، مما يقلل اعتمادها على مصادر المياه الطبيعية. وعلى الرغم من أن عملية تحلية مياه البحر الأولية اعتمدت على عمليات كثيفة الاستهلاك للطاقة، فإن إسرائيل تخطط للتحول تدريجيا إلى مصادر الطاقة المتجددة لتشغيل محطات معالجة مياه البحر، وبالتالي تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري المرتبطة بالعملية.
علاوة على ذلك، يتضمن اقتصاد المياه المعاد تدويرها في إسرائيل أيضًا عنصرًا مهمًا: معالجة مياه الصرف الصحي. يتم معالجة وإعادة استخدام كل مياه الصرف الصحي تقريبًا في إسرائيل، خاصة للري الزراعي. ومن خلال تنظيف مياه الصرف الصحي واستخدامها في الري، لا تقوم إسرائيل بحماية المياه فحسب، بل تمنع أيضًا التلوث البيئي، وبالتالي تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من مياه الصرف الصحي غير المعالجة.
تلعب الزراعة، التي تعد مستهلكًا كبيرًا لموارد المياه في جميع أنحاء العالم ، دورًا مهمًا في اقتصاد المياه الدائري في إسرائيل. يتم إعادة استخدام ما يقرب من 90% من مياه الصرف الصحي المنزلية للري، مما يشكل رقماً قياسياً عالمياً في إعادة استخدام المياه. تعمل تقنية الري بالتنقيط الإسرائيلية، التي تم تطويرها في ستينيات القرن العشرين، على تقليل استخدام المياه في الزراعة بشكل كبير مع زيادة إنتاج المحاصيل. بالإضافة إلى ذلك، تواصل إسرائيل تطوير المحاصيل المقاومة للجفاف وطرق الري الفعالة للحفاظ على موارد المياه بشكل أكبر وتقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الزراعة.
ويعتمد نجاح إسرائيل في إدارة المياه على سياسات تهدف إلى منع فقدان المياه وتعزيز الحفاظ عليها. ويتم نشر التقنيات المتقدمة لتقليل التسرب ومراقبة استهلاك المياه بدقة، مما يضمن الاستخدام الفعال للمياه في جميع القطاعات. وتستمر حملات التوعية العامة في تعزيز ممارسات الحفاظ على المياه، مما يساهم في خفض استهلاك المياه للفرد في إسرائيل.
علاوة على ذلك، يضمن نظام المياه الموحد في إسرائيل توزيع المياه بشكل عادل ويعيد استثمار الأرباح في البنية التحتية وإدارة النظام، مع الحفاظ على الأداء العالي وتقليل فقدان المياه. إن سياسات التسعير التي تعكس التكلفة الحقيقية للمياه دون دعم حكومي تعمل على خلق حوافز لاستخدام المياه بشكل مسؤول وتقليل الهدر بشكل أكبر.
يقترح نموذج اقتصاد المياه المعاد تدويرها في إسرائيل نهجًا شاملاً لإدارة المياه يقلل بشكل فعال من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مع ضمان الأمن المائي. ومن خلال اعتماد عناصر استراتيجية المياه الإسرائيلية، يمكن للمناطق الأخرى التخفيف من آثار أزمة المناخ على موارد المياه وبناء القدرة على الصمود في وجه نقص المياه. إن التعاون وتبادل المعرفة بين البلدان أمر ضروري لمعالجة تحديات المياه العالمية بشكل فعال ومكافحة تغير المناخ.
وفي هذا الصدد، وبفضل الدعم المقدم من وكالة ماشاف (الوكالة الإسرائيلية للتعاون الإنمائي الدولي)، أصبحت التطورات التكنولوجية الإسرائيلية، مثل أنظمة الري بالتنقيط وأنظمة تنقية المياه، موجودة في عدد من المؤسسات التعليمية الفيتنامية لأغراض التدريس والبحث العلمي. ويمتد هذا التعاون إلى ما هو أبعد من الأوساط الأكاديمية، حيث يتم تطبيق تكنولوجيا الري بالتنقيط الإسرائيلية عمليًا في العديد من المزارع في جميع أنحاء فيتنام، مما يلعب دورًا مهمًا في جهود الحفاظ على المياه والحد بشكل كبير من النفايات مع زيادة الإنتاجية الزراعية.
ويشارك البلدان أيضًا بشكل نشط في جهود التعاون التي تركز على الاقتصاد الدائري ومبادرات التنمية الخضراء. وفي فيتنام، انضمت إسرائيل إلى مركز الاقتصاد الدائري في فيتنام، مؤكدة على الالتزام المشترك بالتنمية المستدامة.
وقد شارك خبراء إسرائيليون، مثل السفير جدعون بيهار، المبعوث الخاص لإسرائيل لشؤون تغير المناخ والاستدامة، والخبير جيل شاكي، في حوارات رفيعة المستوى في فيتنام، حيث تبادلوا الخبرة الإسرائيلية في معالجة مياه الصرف الصحي، والابتكار المناخي، والطاقة الخضراء مع أصحاب المصلحة في فيتنام.
باختصار، تتمتع صناعة المياه في إسرائيل بقدرة كبيرة على مكافحة تغير المناخ وندرة المياه. يقدم نموذج الاقتصاد الدائري للمياه دروسًا وإلهامًا لإدارة المياه المستدامة في جميع أنحاء العالم. في حين يواجه العالم التحديات المزدوجة المتمثلة في تغير المناخ وندرة المياه، فإن تجربة إسرائيل تقدم خارطة طريق لمستقبل أكثر استدامة ومرونة للجميع.
أود أن أشكر السفير جدعون بيهار، المبعوث الخاص لإسرائيل لشؤون تغير المناخ والاستدامة، بوزارة الخارجية الإسرائيلية، والسيد رافيد ليفي، المدير الأول لمجتمع ابتكار المياه في إسرائيل، على مساهماتهما القيمة في هذه المقالة.
وفي مؤتمر قمة الأمم المتحدة للبيئة والتنمية الذي عقد في ريو دي جانيرو بالبرازيل في الفترة من 3 إلى 14 يونيو/حزيران 1992، أصدرت الأمم المتحدة قراراً بتخصيص يوم 22 مارس/آذار من كل عام يوماً عالمياً للمياه، ويحتفل به سنوياً منذ عام 1993.
وُلِد اليوم العالمي للمياه بهدف توجيه الناس في جميع أنحاء العالم للحفاظ على موارد المياه وحمايتها، وتشجيع الناس على رفع مستوى الوعي بقيمة المياه في حياة الناس اليومية، فضلاً عن حماية الموائل الثمينة للعديد من الأنواع التي تعيش معًا على الأرض.
يارون ماير - سفير إسرائيل لدى فيتنام
[إعلان 2]
مصدر
تعليق (0)