تقع مدينة أربيل القديمة في وسط الصحراء القاحلة في العراق، وتبدو وكأنها واحة تحتوي على آلاف السنين من التاريخ البشري. يشعر الزائر هنا وكأنه يعود بالزمن إلى الماضي البعيد، ويتبع خطى الحضارات القديمة، ويسير في الشوارع حيث عاشت أجيال عديدة، وأحبت، وبنت مجتمعاتها.
تُعد قلعة أربيل، التي تقع في وسط مدينة أربيل في إقليم كردستان العراق، شاهداً على تاريخ طويل من الاستيطان البشري. لا يزال الكثير من تاريخ أربيل غير معروف، ولكن هناك العديد من الآثار التي تظهر أن المدينة القديمة كانت موجودة منذ عام 5000 قبل الميلاد.
تقع قلعة أربيل على قمة تلة يبلغ ارتفاعها من 25 إلى 32 متراً. على مدى آلاف السنين، قام كل جيل هنا ببناء هياكل جديدة فوق هياكل الجيل السابق. وقد شهدت بتاريخها الغني صعود وسقوط الإمبراطوريات والأجيال وتطور العديد من الحضارات المختلفة، بما في ذلك الآشوريين والفرس واليونانيين والبارثيين والرومان والمسلمين.
قلعة أربيل ليست مجرد موقع أثري مسجل في كتب التاريخ، بل هي شهادة واضحة على حيوية الإنسان العنيدة والمكثفة. إن مشهد المباني والأزقة الضيقة والطرق المتعرجة في كل مكان يخلق مشهدًا قديمًا يحمل علامة الزمن.
وفي قلب المدينة القديمة تقع الزقورة العظيمة، وهي مبنى مقدس كان مخصصًا في السابق لإله بلاد ما بين النهرين، على الرغم من أن أصولها الدقيقة لا تزال لغزا. ترتفع الزقورة، المبنية من الطوب اللبن، بشكل مهيب فوق المناظر الطبيعية المحيطة بها، وهي شهادة على البراعة المعمارية لبنائيها القدامى.
ويجاور الزقورة مجمع معبد القلعة الذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد، والذي يحافظ على بقايا الأنشطة الدينية القديمة. يوفر تخطيط المجمع والتحف الفنية الموجودة فيه لمحة عن المعتقدات الروحية والطقوس للأجيال التي عاشت ذات يوم في الموقع.
وعلى الرغم من قرون من الاضطرابات والتغيير، فإنها لا تزال موطنا لمجتمع نابض بالحياة من السكان. يبلغ عدد السكان هنا اليوم حوالي 1.3 مليون نسمة، معظمهم من الأكراد.
يتيح المشي عبر الشوارع الضيقة للزائرين اكتشاف المنازل التقليدية والأسواق والمعالم الثقافية، والتي تساهم جميعها في ثراء الحياة اليومية داخل أسوار هذه القلعة القديمة.
إدراكًا للأهمية الثقافية والقيمة التاريخية للقلعة، بُذلت جهود عديدة للحفاظ على هذا الموقع الفريد وحمايته. تم إدراج مدينة أربيل القديمة كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 2014، حيث حظيت باعتراف دولي لأهميتها في فهم التاريخ البشري والتطور الثقافي.
السل (وفقا لـ VTC)مصدر
تعليق (0)