بلغت صادرات الأرز في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023 أكثر من 4.83 مليون طن، بقيمة 2.58 مليار دولار أمريكي، بزيادة 18.7% في الحجم و29.6% في القيمة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفقًا لمكتب الإحصاء العام. (المصدر: وكالة الأنباء الفيتنامية) |
من الأرز الهندي إلى القمح الأسترالي، يؤثر تغير المناخ على المحاصيل، مما يزيد من نقص الغذاء وارتفاع الأسعار الناجم عن الصراع العسكري بين روسيا وأوكرانيا.
تشهد الأسواق العالمية حالة من الاضطراب منذ أسابيع، بعد أن فرضت الهند - المصدر الرئيسي للأرز - حظرا رسميا على صادرات الأرز. وتقوم بعض البلدان الأخرى أيضًا بتقييد الصادرات، في حين تسعى بلدان أخرى إلى زيادة الواردات لضمان الأمن الغذائي. ونتيجة لذلك، ترتفع أسعار الأرز في السوق العالمية. وفي آسيا، وصلت الأسعار إلى أعلى مستوى لها منذ 15 عامًا. وفي الهند، ارتفعت أسعار الأرز بنسبة تزيد عن 30% منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
هل يمكن أن يصبح الوضع الطبيعي الجديد مليئا بالصدمات المناخية والصراعات والمنافسة على الموارد الطبيعية، مما يؤدي إلى تفاقم التضخم الغذائي والإضرار بالإنتاج الزراعي العالمي؟
نقص الأرز وشيك
وفي أواخر يوليو/تموز، أعلنت الهند وقفا مؤقتا لصادرات الأرز الأبيض للسيطرة على التضخم المحلي المتزايد وضمان الإمدادات المحلية. وقالت نيودلهي إنها اضطرت إلى "اتخاذ إجراء" لأن الأسعار العالمية كانت مرتفعة للغاية. في أعقاب انسحاب روسيا من مبادرة الحبوب في البحر الأسود، فإن القيود التي فرضتها الهند على الصادرات قد تؤدي إلى إثارة أزمة غذائية أوسع نطاقا، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة خطر المجاعة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات في الهند، يبدو من غير المرجح رفع هذا الحظر على التصدير، كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، في الأمد القريب.
وتشير تقديرات موقع معهد لووي للأبحاث الاقتصادية إلى أن المخاوف من نقص الأرز تتزايد في مختلف أنحاء آسيا ــ وهي المنطقة التي تنتج وتستهلك ما يصل إلى 90% من الأرز في العالم. وتتمثل الأسباب في الانخفاض الكبير في إنتاج الأرز، وارتفاع الأسعار العالمية، ومحدودية إمدادات الأسمدة العالمية.
وفي الوقت نفسه، وبسبب تأثير ظاهرة النينيو جزئياً، من غير المرجح أن تتمكن إمدادات الأرز من البلدان المصدرة الرئيسية في العالم مثل تايلاند (التي تمثل 15% من صادرات الأرز العالمية) وفيتنام (14%) من سد الفجوة التي خلفها الأرز الهندي.
ويقال إن العديد من البلدان الأخرى تحذو حذو الهند والإمارات العربية المتحدة في تقييد صادرات الأرز. وعلى الرغم من أن بعض كبار موردي الأرز يستغلون الوضع في الوقت الحالي لتعزيز الصادرات، فإن بعض الآراء تقول إنه من المستحيل استبعاد احتمال أن تقرر دول أخرى، على سبيل المثال في جنوب شرق آسيا، الحد من صادرات الأرز للتعامل مع الاحتكار المحلي.
وواجه منتجو الأرز الآخرون في آسيا أحداثاً مناخية قاسية في الآونة الأخيرة. الجفاف في بلد واحد (بنغلاديش، تايلاند)، ولكن الفيضانات والأمطار الغزيرة في بلد آخر (الصين)، بالإضافة إلى ذلك، فإن وضع النينيو غير واضح حاليًا، ولكن من المتوقع أن يكون شديدًا للغاية في موسم الحصاد 2023-2024.
"الصدمات المناخية" تثير قلق الحكومات أصدر مكتب رئيس الفلبين توصيات للاستعداد لظاهرة النينيو. حذر الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو من استمرار موسم الجفاف لفترة طويلة قبل الانتخابات المقررة العام المقبل.
تخشى تايلاند من أن تستمر ظاهرة النينيو حتى عام 2025، مما قد يتسبب في أضرار للزراعة تزيد عن 40 مليار بات، وطلب من المزارعين زراعة محصول واحد فقط من الأرز لتوفير المياه. وفي الوقت نفسه، تعرضت عدة مناطق رئيسية في الصين ـ أكبر منتج للأرز في العالم ـ لأمطار غزيرة.
فرصة ذهبية للمصنعين الكبار؟
لتجنب تكرار أزمة أسعار الغذاء في عامي 2007 و2008، ولمعالجة المخاوف بشأن النقص والتضخم، تسارع حكومات البلدان التي تستهلك كميات كبيرة من الأرز إلى شراء وزيادة الاحتياطيات.
تحاول الصين زيادة احتياطياتها الوطنية. تخطط إندونيسيا لاستيراد الأرز من كمبوديا وميانمار لدعم احتياطيات الحكومة من الأرز...
وفي الوقت نفسه، فإن الانخفاض الواسع النطاق في الإنتاج الزراعي ــ بما في ذلك إنتاج الأرز ــ من شأنه أن يخلف تأثير الدومينو، مما يتسبب في محدودية العرض في السوق العالمية. وقد يؤدي هذا، إلى جانب الطلب المتزايد على المخزونات، إلى منافسة شرائية مستقبلية من الدول المستوردة ودفع أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع في مختلف أنحاء آسيا وخارجها.
وفي بيئة جيوسياسية متزايدة التعقيد، حيث أصبح الأمن الغذائي جزءاً من الأمن الوطني، فإن مثل هذه المواقف من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم المنافسة على الإمدادات الغذائية، والأمر الأكثر خطورة هو أنها قد تؤدي إلى تصعيد التوترات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وانتشارها في جميع أنحاء المنطقة.
وفي ظل "الصداع" الذي تعاني منه العديد من الحكومات في سعيها للحصول على الأرز، قد تجد دول مثل أستراليا ــ القوة الزراعية وسلة الخبز العالمية ــ فرصة لتعزيز مشاركتها وزيادة الصادرات في الوقت المناسب.
وتعتبر فيتنام أحد الموردين الرئيسيين الذين يمكنهم الاستفادة من الفرصة "الذهبية" لتعزيز صادرات الأرز إلى العالم، عندما يتزايد الطلب وأسعار التصدير كل يوم.
وأفادت جمعية الأغذية الفيتنامية أن صادرات الأرز مواتية، خاصة في الأشهر الأخيرة من العام، لأن الأسواق الكبرى مثل الصين والفلبين وماليزيا... لا تزال تشتري بقوة. وفي الوقت نفسه، يفضل المستهلكون في الأسواق المتطلبة مثل أوروبا وكوريا الجنوبية وأستراليا وبعض الأسواق المفتوحة حديثا في الشرق الأوسط الأرز عالي الجودة من فيتنام، وهو ما يخلق فرصا لزيادة صادرات الأرز.
وبحسب تقرير وزارة الزراعة الأمريكية الصادر في يوليو/تموز 2023، من المتوقع أن يصل إنتاج الأرز العالمي في 2023/2024 إلى 520.8 مليون طن، بزيادة قدرها 8 ملايين طن عن نفس الفترة من العام الماضي. ومن المتوقع أن يصل إجمالي الاستهلاك العالمي إلى مستوى قياسي قدره 523.9 مليون طن، وهو ما يتجاوز إنتاج الأرز المتوقع بنحو 3.1 مليون طن. إلى جانب أدنى مستوى للمخزون النهائي منذ موسم الحصاد 2017/2018، فإنه يوضح أن العرض والطلب غير متوازنين، لأنه مع زيادة الطلب على احتياطيات الأرز، ينخفض العرض، وكذلك المخزون من المحاصيل السابقة.
ومن الواضح أن هذا يخلق فرصة كبيرة لصادرات فيتنام من الأرز، لأنه وفقا لوزارة الزراعة والتنمية الريفية، في عام 2023، لا يزال بإمكان فيتنام الحصول على إمدادات كافية لتصدير حوالي 7.5-8 ملايين طن من الأرز، ويشكل الأرز عالي الجودة نسبة كبيرة منها. ويقدر متوسط سعر تصدير الأرز في الأشهر الستة الأولى بأكثر من 540 دولارا أمريكيا للطن، وهو ما يمثل زيادة قدرها أكثر من 10% مقارنة بنفس الفترة في عام 2022 وأعلى مستوى في العقد الماضي.
ولكن ما إذا كنا نستطيع اغتنام هذه الفرصة أم لا يعتمد ليس فقط على عوامل الطقس وتغير المناخ، بل وأيضاً على الاستثمار في الزراعة في الفترة المقبلة.
[إعلان رقم 2]
مصدر
تعليق (0)