تباطأ التضخم في منطقة اليورو في الأشهر الأخيرة وانخفض إلى أدنى مستوى له في أكثر من عامين. وأثار هذا الآمال في أن يتخلى البنك المركزي الأوروبي قريبا عن سياسته النقدية المتشددة لتمهيد الطريق لخفض أسعار الفائدة. ومع ذلك، يعتقد معظم خبراء الاقتصاد أن البنك المركزي الأوروبي سيبقي أسعار الفائدة ثابتة حتى منتصف عام 2024. ومن المرجح أن يأتي أول خفض للفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي في يوليو/تموز من العام المقبل.
مبنى المفوضية الأوروبية في بروكسل، بلجيكا. الصورة: THX/TTXVN
الخطر لا يزال موجودا
تظهر أحدث الأرقام الصادرة عن المكتب الإحصائي الأوروبي (يوروستات) أن مؤشر أسعار المستهلك في منطقة اليورو ارتفع في نوفمبر 2023 بنسبة 2.4% فقط، أي أقل بنحو 0.3 نقطة مئوية من توقعات المحللين وأقل بكثير من الذروة البالغة 10.6%. وهذا أيضًا أدنى معدل للتضخم منذ يوليو 2021.
ورغم أن انخفاض التضخم أثار الآمال في أن يتمكن البنك المركزي الأوروبي من خفض أسعار الفائدة قريبا، فإن احتمال حدوث هذا السيناريو يعتمد إلى حد كبير على التطورات في أسواق السلع الأساسية العالمية، وخاصة أسواق الطاقة، والاستقرار المالي في المنطقة.
في الوقت الحالي، لا يزال مسؤولو البنك المركزي الأوروبي يشعرون بقلق بالغ إزاء خطر ارتفاع التضخم مرة أخرى بسبب تأثير صدمة جديدة على سوق الطاقة. وقال بيرت كولين، الخبير الاقتصادي البارز في منطقة اليورو لدى بنك آي إن جي: "يظل البنك المركزي الأوروبي يشعر بالقلق من أن عوامل مثل نمو الأجور وخطر ارتفاع أسعار الطاقة قد تدفع التضخم إلى الارتفاع مجددا".
هناك قضية أخرى تثير قدراً لا يستهان به من القلق لدى محافظي البنوك المركزية، وهي الاستقرار المالي في منطقة اليورو. حذر البنك المركزي الأوروبي في 22 نوفمبر/تشرين الثاني من أن آفاق الاستقرار المالي في منطقة اليورو تظل هشة في ظل الظروف المالية الأكثر صرامة والتضخم المرتفع والتوترات الجيوسياسية التي تلقي بظلالها على المنطقة.
وفي أحدث تقرير لتقييم الاستقرار المالي، علق نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي لويس دي جيندوس قائلا: "إن التوقعات الاقتصادية القاتمة إلى جانب عواقب ارتفاع معدلات التضخم تجعل من الصعب على الأسر والشركات والحكومات خدمة ديونها". "ومن المهم أن نظل يقظين مع انتقال الاقتصاد إلى بيئة من أسعار الفائدة المرتفعة المصحوبة بتزايد حالة عدم اليقين والتوترات الجيوسياسية."
وحذر التقرير من أن الركود هو "سيناريو محتمل" مع تدهور التوقعات. ولكن التأثير الكامل لارتفاع تكاليف الاقتراض على النشاط الاقتصادي لم يتضح بعد، وقد تواجه العديد من القطاعات تحديات مع ارتفاع تكاليف خدمة الديون. وأشار التقرير أيضا إلى سوق العقارات، الذي دخل في حالة ركود بحسب البنك المركزي الأوروبي.
وعلاوة على ذلك، قد تواجه البنوك -التي تستفيد من ارتفاع أسعار الفائدة- صعوبات لأن ارتفاع تكاليف الاقتراض يؤدي إلى انخفاض الطلب على القروض، حسبما ذكر التقرير.
وبالإضافة إلى ذلك، أبرز التقرير أن المخاوف بشأن استقرار منطقة اليورو تزايدت بسبب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.
متى سيقوم البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة؟
وأظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته رويترز أن البنك المركزي الأوروبي من المرجح أن يبقي أسعار الفائدة ثابتة حتى منتصف العام المقبل. وأجرت رويترز الاستطلاع في الفترة من 8 إلى 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بمشاركة 72 من كبار الخبراء الاقتصاديين. يتفق جميع هؤلاء الاقتصاديين على أن البنك المركزي الأوروبي لن يرفع أسعار الفائدة في الدورة الحالية.
يعرض متجر علامة تخفيضات في بروكسل، بلجيكا. الصورة: THX/TTXVN
في حين تتوقع الأسواق المالية خفض أسعار الفائدة في أبريل/نيسان 2024، يشير أحدث استطلاع لرويترز إلى أن ذلك غير مرجح، خاصة بعد أن قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد في أكتوبر/تشرين الأول إنه "من السابق لأوانه حتى الحديث عن خفض".
أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز أن معظم خبراء الاقتصاد يتوقعون أن أول خفض لأسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأوروبي قد يستغرق حتى يوليو تموز 2024 على الأقل، على الرغم من التوقعات بحدوث ركود محتمل في منطقة اليورو. وعلى وجه التحديد، يتوقع 40 من أصل 72 خبيرا اقتصاديا أن تظل أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية حتى منتصف العام المقبل. وتوقع الباقون خفض أسعار الفائدة قبل اجتماع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي في يوليو/تموز 2024.
وأشار بيتر فاندن هوت، كبير خبراء الاقتصاد في منطقة اليورو لدى بنك آي إن جي، إلى أن البنك المركزي الأوروبي أقر بنمو أضعف من المتوقع. ومع ذلك، أكد السيد هوت: "هذا لا يعني أن البنك المركزي الأوروبي سوف يتسرع في خفض أسعار الفائدة... لا نتوقع أي تخفيضات في أسعار الفائدة قبل صيف عام 2024".
من غير المرجح أن يأتي خفض أسعار الفائدة قبل الموعد المتوقع إلا في حالة حدوث ركود عميق بما يكفي لدفع البنك المركزي الأوروبي إلى تخفيف السياسة النقدية حتى لو ظل التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2%.
لكن في استطلاع أجرته رويترز، توقع 15 اقتصاديا فقط من أصل 35 انكماشا آخر في الربع الرابع من عام 2023 بعد انكماش اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 0.1% في الربع الثالث من عام 2023، وهو ما يعني أن منطقة اليورو دخلت رسميا في حالة ركود. وفي الوقت نفسه، فإن التوقعات بحدوث أكبر انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي في الأرباع المقبلة لا تتجاوز 0.3%. وعلى وجه التحديد، عندما سئلوا عن نوع الركود الذي قد تقع فيه منطقة اليورو، قال 24 من أصل 29 اقتصاديا شملهم الاستطلاع إنه سيكون ركودا قصيرا وسطحيا، بينما توقع 3/29 فقط ركودا طويلا وسطحيا في منطقة اليورو، وقال 1/29 إنه سيكون ركودا طويلا وعميقا، وتوقع 1/29 ركودا قصيرا وعميقا.
هوانغ آنه
تعليق (0)