سقطت بضع قطرات من المطر الخفيف مثل الغبار الناعم على النافذة الزجاجية، مما أدى إلى تكوين بقع ماء صغيرة. نظرت إلى السماء الليلية. في هذه اللحظة، بمجرد دخولها من الباب، عرفت أنها ستكون وحيدة جدًا لدرجة أنها ستبكي. كانت الساعة على الحائط تدق ببطء، وكان صوت الدق يبدو حزينًا أيضًا، لم تستطع أن تتذكر منذ متى كانت تحب مظهرها الحزين، كما قال ذات مرة إنه يحب النظرة الحزينة على وجهها.
لقد مرت أكثر من ثلاث سنوات منذ اليوم الأول الذي استقبلته فيه في المطار وهي تحمل باقة من زهور النجمة في يدها، الزهرة التي أحبتها لجمالها الناعم والرشيق، والتي ترمز إلى عمق لا ينسى. ظهر من بعيد، قامته الطويلة والنحيفة ووجهه المجعد جعلها مذهولة لبضع ثوان. لقد ذهب كبريائها المتأصل. أصبحت مشوشة وخرقاء أمامه. في البداية ظننت أنها اختارتني لإجراء مقابلة معه، وهو رجل بعيد عن وطنه ويحب أدب وطنه. تلمست يدها لتسلمه الزهور الأرجوانية الباهتة بابتسامة خجولة. لقد تجمد أيضًا لثانية واحدة أمامها. لقد كانت أكثر سحراً مما كان يعتقد، مرت لحظة من المفاجأة، ولكن سرعان ما ملأها بابتسامة دافئة ومصافحة دافئة...
وفي الأيام التالية، ألغى كل خططه، حتى الرحلات الطويلة، لقضاء الوقت معها. إنهم يحبون بعضهم البعض. المفاجأة والفتنة.
كان ذلك الصيف دافئًا وممطرًا، عندما كانت أزهار الخشخاش تتفتح في المروج، انطلقت، متوجهة إلى الأرض المعروفة بأنها موطن أجمل القلاع في العالم، حيث كان هو.
كل صباح قبل أن يغادروا المنزل، كان يصنع لها إبريقاً من شاي البابونج. ذهب ليغلي الماء، وعاء أصفر دائري يشبه اليقطين. على طاولة الطعام المطلية باللون الأبيض، وضع طبقين، واحد لها وواحد له، إلى جانب الجبن والنقانق والدجاج أو أي شيء تحبه، ثم هز رأسه بلطف بعجز عندما كانت من الصعب إرضاؤها في الطعام، على الرغم من أنها لا تزال تشيد به باعتباره لذيذًا. من وقت لآخر كانت تنظر إليه، الرجل الذي ظهر فجأة في حياتها. انبعثت رائحة الأقحوان في إبريق الشاي، مما جعله وشريكته في حب لا نهاية له.
أخذها عبر الأراضي العشبية الشاسعة، حيث كانت بتلات الخشخاش حمراء زاهية. طلب منها بلطف أن تتوقف ثم رفع الكاميرا لالتقاط لحظاتها الجميلة. ربما يكون الحب هو النبيذ الذي يجعل عينيها واسعتين كالأمواج. لقد تجولوا في المروج، وعلى ضفاف النهر. ثم عاد إلى المنزل ودخل إلى المطبخ ليطبخ لها أطباقًا بسيطة. لقد اهتم بها بلطف كما لو كانت قطة مريضة. لقد غمرتها السعادة وفجأة صمتت عندما رأت زوجها يكافح في المنزل الصغير. كان هناك لمحة من الحزن في زوايا عينيها عندما فكرت في أيام الانفصال.
وفي يوم العودة، أخذها إلى المطار، مشغولاً وقلقاً. بجانبه، كانت مثل فتاة صغيرة، شاردة الذهن ومعتمدة على الآخرين. وطلب منها أن تذهب من هذا الطريق، ثم تتبع الآخرين حتى لا تضيع. ابتسمت رغم أن قلبها كان مليئا بالدموع لأنها كانت على وشك تركه. دخلت إلى الداخل، واختبأت خلف غرفة الانتظار، ونظرت إلى الوراء لتراه واقفًا هناك يراقبها، بجسده الطويل النحيف ووجهه القلق. لقد رافقتها تلك الصورة لسنوات عديدة، كما تحطمت المرارة والانفصال والغضب المعتاد في كل مرة تتذكر فيها شخصيته في المطار ذلك اليوم. لقد أحبته بكل مرارة السنوات الماضية مجتمعة، مثل شخص ألقته عاصفة في البحر، وفجأة في أحد الأيام جرفته موجة ساذجة إلى شاطئ رملي لطيف.
عادت إلى غرفتها المعتادة واستأنفت حياتها الطبيعية. في هذا المبنى السكني، بالكاد يستطيع أي شخص سماع صوتها. في نظرهم، كانت جميلة وغامضة.
كما وعدها، عاد إليها في ذلك الربيع، في الشقة الصغيرة الجميلة كانت هناك دائمًا رائحة عطر خفيفة، والتي كانت تعتقد غالبًا أنها رائحة العطر في "الفجر الممطر" لباكستوبسكي، رائحة امرأة وحيدة. كل صباح يصنع لها أكوابًا من شاي الأقحوان العطري. إنهم يحبون بعضهم البعض بشغف كل يوم. على الشرفة، استندت إليه، في تلك اللحظة أضاءت ليلة رأس السنة الجديدة بضوء الألعاب النارية الرائع. رأت نفسها تطير مثل الألعاب النارية وكانت سعيدة.
***
الليل أعمق، والنجوم في السماء تبدو ضائعة، هناك نجم بعيد يقف متلألئًا، وحيدًا. إنها مثلها. فجأة ارتجفت وغادرت الشرفة بسرعة. تردد صدى صوت البيانو المجاور على لحن مألوف: "غدًا صباحًا، لن يبقى أثر. كومة من الطمي نسيت أن تعبرها. لا يبقى في العيون سوى المطر..." عانقت وسادتها ونظرت إلى سماء الليل، ودموعها تتدفق فجأة. اجتمع القمع والشوق والاستياء والألم معًا، مما أدى إلى غرقها في أمواج لا نهاية لها.
لا يزال يجلس على هذه الأريكة كل يوم، يراقبها وهي ترتب الزهور وتتجول في المنزل مثل أميرة صغيرة، يشعر وكأن دفئه لا يزال متبقيًا في مكان ما. أتذكر أنه في أحد الأيام عندما كنت عائدة إلى المنزل من العمل، فوجئت لأن الغرفة بدت أكثر اتساعًا، وكان كل شيء مرتبًا ومرتبًا وأنيقًا ومعقولًا. وقفت ساكنة تنظر إلى عينيه والدموع في عينيها، ترى فيهما حبه لها، حبًا صادقًا وجديرًا بالثقة. جاءت إلى السرير، وسقط القميص الذي كان تحت الوسادة، كان القميص الذي تركه لها لتحتفظ به. جاءت الرياح من خلال الشقوق وجعلت لوح الزجاج يهتز. استدارت لتستلقي على جانبها، تدفن وجهها في شعرها المتشابك، تشعر بالخدر يلامس كتفيها المرتعشين قليلاً. هل انت احمق؟ انتظار رجل بعيد، انتظار شخص يعرف هل سيعود يومًا ما؟
إن المسافة الجغرافية والأسباب العديدة في الحياة قد تبعده عنها أحيانًا، بعيدًا عن مدار الحب الذي عملت جاهدة على تنميته. إنها أكثر هدوءا. في الشقة الصغيرة كل يوم بعد الظهر، تقرأ الكتب، وترتب الزهور و... تنتظر. لا يزال زوجها يرسل لها كل يوم أشياء حلوة وقصصًا يومية وخططًا ورغبات وآمالًا، لأن حب الكبار يجب أن يواجه التغييرات والأوبئة والركود ... مما يدفع الناس في اتجاهات مختلفة. استقبلت الزهور والأوراق من وطنه بالحب، وبالكبت والتسامح كما كانت تفعل دائمًا... بكل ما قدمته له، متأخرًا ولكن كاملًا.
لا تزال رائحة شاي الأقحوان قوية. يبدو أن تلك الرائحة النقية مرت فقط، لكنها غذت حبها على مر السنين. في أوقات عدم اليقين، كانت تخرج صورها على الطرقات معه لتستمتع برائحة الشاي، وتتكئ عليها مثل ظل شجرة تحميها من العاصفة. في كثير من الليالي أثناء نومها، رأت في المسافة شخصيته الوحيدة في المنزل الصغير، وشعره بالفعل مخضبًا بالشيب. كانت الطاولة المطلية باللون الأبيض التي كان يجلس عليها هي وهو كل صباح، في الحلم، مغطاة بأوراق الشجر المتساقطة. كان المنزل هادئًا وساكنًا، كما لو أنه ذهب للتو إلى مكان ما، إلى مكان بعيد جدًا... في ليالٍ كهذه، كانت تستيقظ فجأة وتنظر إلى السماء الليلية.
نظرت إلى الساعة التي تدق ببطء على الحائط، لابد أنه عاد للتو إلى المنزل من العمل وكان في المطبخ يطبخ الغداء. كان معتادًا على العيش بمفرده والاعتناء بنفسه. خرجت إلى الشرفة، بجانب النافذة، سقطت ورقة بالصدفة، تمايلت ثم هبطت برفق بجانب قدميها. استطاعت أن تسمع صوت سقوطه، بصوت خافت للغاية. في وقت متأخر من الليل، تصبح ظلال الأشخاص الذين يسيرون في الشارع قليلة، والحنين إلى الماضي لا يزال باقيا. يبدو أن برد الظهيرة وصمت الليل أعمق.
ذهبت إلى النافذة المفتوحة وأغلقتها برفق. في وقت متأخر من الليل، يكون الهواء باردًا، والنجوم لا تزال تتجول في السماء. وعندما عادت، ذهبت إلى السرير وأطفأت الضوء. غطى الظلام الغرفة، وتردد صدى صوت البيانو المنزلي في الليل، مليئًا بالحنين. في مكان ما هناك رائحة عطرة من شاي الأقحوان. افتقدته فدفنت وجهها في الوسادة. لقد عرفت أن حبها سيبقى إلى الأبد، على الرغم من أن الشوق والانتظار كان حقيقيا.
المصدر: https://baocantho.com.vn/tra-hoa-a185361.html
تعليق (0)