وبمناسبة الذكرى السبعين لأنشطة المساعدات الإنمائية الرسمية اليابانية في جميع أنحاء العالم، أرسل رئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) تاناكا أكيهيكو رسالة تؤكد على رؤية "ربط العالم بالثقة" ومؤكدا أن طوكيو ثابتة في التزامها بالتنمية والمستقبل.
يمثل السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2024 علامة فارقة مهمة بالنسبة لليابان، إذ يصادف مرور 70 عامًا منذ أن بدأت البلاد برنامج المساعدات الإنمائية الرسمية في عام 1954.
على مدى السنوات السبعين الماضية، وباعتبارها شريكًا عالميًا رئيسيًا، وسعت اليابان برامج التعاون إلى 190 دولة ومنطقة، مما ساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكذلك السلام والازدهار للمجتمع العالمي. وقد أطلقت اليابان جهودها في مجال التعاون الدولي بهدف إعادة بناء الثقة في المجتمع الدولي، بالتوازي مع التزاماتها بالتعويضات بعد الحرب للدول الآسيوية.
بدءًا من تقديم برامج التدريب الفني للدول الآسيوية ثم توسيع برامج التعاون، أصبحت اليابان واحدة من شركاء التنمية الثنائيين الرائدين في العالم.
تم بناء جسر نهات تان برأس مال المساعدة الإنمائية الرسمية اليابانية. |
الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) هي الوكالة المسؤولة عن إدارة المساعدات الإنمائية الرسمية للحكومة اليابانية، وتوفر مجموعة واسعة من برامج التعاون، بما في ذلك التعاون المالي والاستثماري، والتعاون الفني، فضلاً عن خدمات أخرى مثل المساعدات الطارئة وإرسال المتطوعين.
وبالتنسيق مع المبادرات المحلية للدول المتلقية، أرست برامج التعاون التي تقدمها جايكا، مثل البنية الأساسية وتنمية الموارد البشرية، أسساً متينة لتنمية هذه البلدان.
على سبيل المثال، في تايلاند، ساعدت القروض بالين والتعاون الفني الذي قدمته اليابان في ثمانينيات القرن العشرين في دعم تنمية منطقة الساحل الشرقي، وجذب الاستثمار في صناعة السيارات التايلاندية، وبالتالي تعزيز الإنتاج والتجارة في جميع أنحاء المنطقة.
ويوجد مثال بارز آخر في البلدان الأفريقية، حيث ساعد التعاون الزراعي الذي تقدمه الوكالة اليابانية للتعاون الدولي على مضاعفة إنتاج الأرز وتعزيز الأمن الغذائي في المنطقة.
وفي فيتنام، دعمت جايكا تطوير مطار نوي باي الدولي باعتباره بوابة البلاد، إلى جانب جسر نهات تان والطريق الذي يربط بين المشروعين، مما ساعد فيتنام على تحسين قدرتها التنافسية.
إن المبدأ الأساسي للوكالة اليابانية للتعاون الدولي هو احترام استقلالية البلدان الشريكة واعتمادها على نفسها، مع التأكيد على الالتزامات الثابتة برؤية طويلة الأجل.
تحرص الوكالة اليابانية للتعاون الدولي على التفاعل بين الناس، من خلال الجمع بين نقاط القوة لدى كل طرف من خلال الحوار بدلاً من نقل التكنولوجيا والمعرفة في اتجاه واحد. إن هذا النهج يمكّننا من تقديم حلول مصممة خصيصًا للسياق المحلي وتنمية الموارد البشرية اللازمة للتنمية المستدامة للبلد المضيف، مع تعميق التفاهم والثقة المتبادلة، وبالتالي تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدان الشريكة لجايكا واليابان.
ورغم الجهود الكبيرة التي يبذلها المجتمع الدولي، فإن العديد من التحديات العالمية لا تزال دون حل. وليس هذا فحسب، بل إن قضايا مثل تغير المناخ، والصراعات المسلحة، والأوبئة، والكوارث الطبيعية، والأزمات الاقتصادية وغيرها من التهديدات أصبحت أكثر تعقيدا وترابطا بشكل وثيق، مما يؤدي إلى أزمات مزدوجة.
ويحذر تقرير للأمم المتحدة من أن 17% فقط من أهداف التنمية المستدامة تسير على الطريق الصحيح، وذلك بعد ست سنوات فقط من الموعد المستهدف في عام 2030. وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج المجتمع الدولي إلى العمل بجدية أكبر والتعاون بشكل أوثق للتغلب على هاتين الأزمتين المزدوجتين.
واستجابة للسياق العالمي المتغير، قامت الحكومة اليابانية في يونيو/حزيران 2023 بمراجعة ميثاق التعاون الإنمائي كأساس لإجراء أنشطة التعاون الإنمائي بطريقة أكثر فعالية واستراتيجية. ووفقا للميثاق المعدل، يعتبر الأمن الإنساني المبدأ التوجيهي والأساس لجميع أنشطة التعاون الإنمائي التي تقوم بها اليابان.
الأمن الإنساني هو حالة يكون فيها البشر، كأفراد، خاليين من الخوف والحاجة ويعيشون حياة كريمة. في الأزمات المزدوجة التي نمر بها اليوم، أصبح الأمن الإنساني للعديد من الأفراد مهدداً؛ وعلى وجه الخصوص، تعد الفئات السكانية الضعيفة في البلدان النامية من بين الفئات الأكثر تضررا.
على مدى أكثر من 30 عامًا من التنفيذ في فيتنام، ظلت اليابان دائمًا أكبر مانح ثنائي للمساعدات الإنمائية الرسمية. وفي الوقت نفسه، من بين أكثر من 100 دولة تتلقى مساعدات التنمية الرسمية اليابانية في جميع أنحاء العالم، تعد فيتنام واحدة من الدول ذات أكبر وأشمل تعاون مع جميع أشكال التعاون مثل المساعدات غير القابلة للاسترداد (GA)، والقروض (قرض الين)، والتعاون الفني (TC)، وبرنامج مقترحات المشاريع اليابانية (JEPP)، وبرنامج شراكة التنمية (JPP)، وبرنامج إرسال المتطوعين وبرنامج الاستثمار الخارجي. |
وبالإضافة إلى المبادئ المذكورة أعلاه، وباعتبارها وكالة التعاون الإنمائي اليابانية، تعمل جايكا أيضاً على ربط العالم بالثقة، وهي ملتزمة بضمان الأمن البشري من خلال جهود الحد من الفقر على أساس النمو النوعي.
ولتحقيق هذه الأهداف، تعمل جايكا على تعديل برنامجها التعاوني لجذب أصحاب المصلحة المختلفين ودعم التعاون في جهود التنمية. تظل العديد من قضايا التنمية الكبرى دون حل، ويفتقر عدد كبير منها إلى حلول واضحة.
تتطلب تحديات التنمية المعقدة حلولاً مبتكرة تنشأ من التعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية وأصحاب المصلحة الآخرين. وعلاوة على ذلك، فإن قيادة عمليات التحول العالمية ليست مسؤولية البلدان المتقدمة وحدها. وفي الواقع، حققت العديد من البلدان النامية نمواً اقتصادياً كبيراً، وتمكنت العديد من الشركات الناشئة من البلدان النامية من اختراق الأسواق العالمية.
وفي هذه الحالة، فإن أحد المفاتيح المهمة لتسريع الجهود لحل مشاكل التنمية هو استخدام المساعدات الإنمائية الرسمية كمحفز للتعاون، وبالتالي تعزيز والاستفادة من الذكاء والتكنولوجيا في هذه المجالات المتنوعة. ومن المتوقع أن تلعب المساعدة الإنمائية الرسمية دوراً هاماً في تحقيق وتعزيز هذا الإبداع المشترك.
إن بناء العلاقات المتبادلة من خلال الحوار المستمر مع البلدان الشريكة لصياغة الحلول هو تقليد طويل الأمد في أنشطة التعاون اليابانية، وبناءً على هذا التقليد، فإن جايكا مستعدة دائمًا لتعزيز الإبداع المشترك.
رؤية جايكا هي "ربط العالم بالثقة". لقد ركز تعاوننا التنموي على الأمن الإنساني والشراكة العادلة والاعتماد على الذات للدول النامية.
ونحن ملتزمون بمواصلة العمل مع البلدان النامية وشركاء التنمية ذوي التفكير المماثل. في عالم اليوم المتغير، يتعين علينا أن نحافظ على القيم الأساسية التي يؤمن بها كل منا، بينما نعمل معًا على صياغة اتجاه جديد للاستجابة للتحديات الجديدة على أساس الثقة التي بنتها اليابان باطراد على مر السنين.
تعليق (0)