وبحسب شبكة "سي إن إن"، فإن خفض إنتاج النفط الطوعي الذي أعلنته السعودية يتجاوز اتفاقا أوسع نطاقا توصلت إليه منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وشركاؤها، المعروفين باسم أوبك+، للحد من إمدادات النفط حتى عام 2024. وقالت وزارة الطاقة السعودية إن إنتاج البلاد من النفط سينخفض ​​إلى 9 ملايين برميل يوميا في يوليو/تموز من 10 ملايين برميل يوميا في مايو/أيار. وبهذا القرار، تأمل السعودية أن تتمكن من إحياء أسعار النفط التي تشهد انخفاضا مستمرا في الآونة الأخيرة. وبناء على ذلك، ففي حال ارتفعت أسعار النفط، سيكون لدى السعودية المزيد من الأموال لاستثمارها في مشاريع ضخمة ضمن برنامج "رؤية 2030".

ارتفعت أسعار خام برنت بأكثر من 2% إلى حوالي 78 دولارا للبرميل اليوم الخميس، مع استجابة الرياض للرياح المعاكسة التي ضربت الطلب العالمي على النفط. ومع ذلك، لا تزال أسعار النفط منخفضة بنحو 9% عن مستواها في بداية العام. وعلقت شبكة CNN بأن هذا يعني أن السعودية في وضع صعب فيما يتعلق بتمويل المشاريع الضخمة ضمن برنامج "رؤية 2030" لتنويع اقتصاد البلاد، الذي يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط. أسعار النفط أقل بـ2-3 دولار للبرميل عما تريد السعودية. وتحتاج الدولة الخليجية إلى أسعار نفط تقترب من 81 دولارا للبرميل لتلبية التزاماتها الإنفاقية، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.

ومن المتوقع أن تسجل المملكة العربية السعودية عجزا في الميزانية مرة أخرى هذا العام بعد تسجيل أول فائض لها منذ ما يقرب من عقد من الزمان في عام 2022. سجلت السعودية عجزاً في الميزانية في الربع الأول من عام 2023 بلغ 770 مليون دولار، مع زيادة الحكومة للإنفاق بنسبة 29% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. مع اقتراب الموعد النهائي لبرنامج "رؤية 2030"، تحتاج المملكة العربية السعودية إلى المزيد من التمويل أكثر من أي وقت مضى لإكمال المشاريع الضخمة مثل مدينة نيوم البالغة قيمتها 500 مليار دولار في شمال غرب البلاد. وقالت السيدة كارين يونج، الباحثة البارزة في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا (الولايات المتحدة الأمريكية): "تواجه المملكة العربية السعودية ضغوطاً كبيرة عندما يدخل عدد كبير جداً من المشاريع مرحلة البناء. "إن الحاجة إلى رأس المال هائلة."

خزانات النفط في مصفاة رأس تنورة التابعة لشركة أرامكو السعودية في رأس تنورة، المملكة العربية السعودية. الصورة : بلومبرج

رغم ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة 9% في الربع الأول من عام 2023، إلا أن ما يقرب من ثلثي إيرادات المملكة العربية السعودية لا تزال تأتي من مبيعات الوقود الأحفوري. وتدرك المملكة العربية السعودية أيضاً أنها لا تستطيع الاعتماد فقط على سوق النفط المتقلبة لتحقيق إيرادات الميزانية. ولذلك، وبالإضافة إلى سعيها إلى رفع أسعار النفط، تسعى الرياض أيضاً إلى جذب الاستثمارات الأجنبية. وتسعى المملكة إلى جذب 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر سنويا بحلول عام 2030. ومع ذلك، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر لم يصل بعد إلى المستوى الذي ترغب فيه المملكة العربية السعودية.

وبحسب بيانات البنك المركزي السعودي، انخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلاد في عام 2022 بشكل حاد. وقال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح في مناسبة أقيمت مؤخرا لإطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة جديدة لجذب المستثمرين بمعدلات ضريبية منخفضة وإعفاءات من بعض الرسوم الجمركية وممارسات توظيف مرنة: "أرحب بتوسع وتعميق وتنويع أسواق رأس المال السعودية وأعتقد أن المزيد من الشركات المهمة سيتم إدراجها في سوق الأسهم".

وتشكل المناطق الاقتصادية الخاصة الجديدة جزءاً من سياسة "العصا والجزرة" التي تنتهجها الرياض لجذب رأس المال الأجنبي. وعلى الرغم من تقديم عدد من الحوافز الصديقة للأعمال، قالت المملكة العربية السعودية إنها لن تسمح للشركات الدولية بالوصول إلى العقود الحكومية ما لم تنقل مقارها الإقليمية إلى البلاد بحلول عام 2024. وتُعتبر هذه السياسة بمثابة تحد مباشر لمدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة، والتي كانت تقليديا مركز الأعمال في المنطقة.

وفي مسعى لضمان الاستقرار الإقليمي وخلق بيئة أكثر أمنا للمستثمرين، تراجعت الرياض عن سياستها الخارجية المتشددة السابقة. لقد تصالحت المملكة العربية السعودية الآن مع تركيا وقطر، واستعادت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، ودعمت وقف إطلاق النار في اليمن، وتعمل على تطبيع العلاقات مع إيران. وبالإضافة إلى ذلك، تلعب المملكة العربية السعودية أيضًا دور الوسيط في الصراع في السودان.

لام آنه