سوق الذهب "محموم" مرة أخرى

أسعار الذهب تشهد موجة "تسونامي" غير مسبوقة، وتستمر في كسر الأرقام القياسية التاريخية. ويقول الخبراء إن وراء هذه الحمى ظلال سياسة التعريفات الجمركية الصارمة من الولايات المتحدة، والتي تحول المعادن الثمينة إلى "ملاذ آمن" للمستثمرين العالميين، ولكنها في الوقت نفسه تسبب عواقب غير متوقعة على صناعة المجوهرات والاقتصاد.

Báo Tin TứcBáo Tin Tức15/02/2025

سبائك الذهب للبيع في دبلن، أيرلندا. الصورة: وكالة الصحافة الفرنسية/وكالة الصحافة الفنزويلية

سعر الذهب "يرقص"

تجاوزت أسعار الذهب العالمية حاجز 2900 دولار للأوقية للمرة الأولى في جلسة 10 فبراير، وتتجه الآن نحو الصعود. وكان المحرك الرئيسي لهذا الارتفاع هو الطلب على الملاذ الآمن، حيث هدد ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة، مما أثار المخاوف بشأن خطر الحرب التجارية والتضخم. وبالتحديد، وصل سعر الذهب في بعض الأوقات إلى 2,911.30 دولار أمريكي للأونصة. منذ بداية عام 2025 وحتى هذه الدورة، ارتفع سعر الذهب العالمي بنحو 10%. على مدى الاثني عشر شهرًا الماضية، ارتفعت أسعار الذهب بنحو 45%.

ويأتي هذا الارتفاع في الأسعار مدفوعا بالعديد من العوامل، أبرزها دور الذهب باعتباره "ملاذاً آمناً" وسط حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي المتزايدة. أدى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض ضريبة إضافية بنسبة 25% على جميع واردات الصلب والألمنيوم، إلى جانب الرسوم الجمركية الانتقامية التي فرضتها الصين على السلع الأمريكية، إلى تصعيد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، مما دفع المستثمرين إلى زيادة قلقهم والسعي إلى الذهب.

وقال بوب هابركورن، استراتيجي السوق من شركة الخدمات المالية RJO Futures، إن أخبار التعريفات الجمركية كانت المحرك الرئيسي لأسعار الذهب. وبالإضافة إلى ذلك، ساهم ضعف الدولار الأميركي أيضاً في دعم أسعار الذهب، مما جعل المعدن النفيس أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين.

وتعمل البنوك المركزية على زيادة مشترياتها من الذهب بكميات كبيرة، معتبرة إياه قناة استثمارية آمنة في ظل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. تظهر البيانات الصادرة حديثًا أنه اعتبارًا من يناير 2025، كان بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) مشتريًا صافيًا للذهب للشهر الثالث على التوالي، على الرغم من ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية. ارتفعت احتياطيات الذهب لدى بنك الشعب الصيني بمقدار 0.16 مليون أوقية. يستأنف بنك الشعب الصيني عمليات شراء الذهب الصافي في نوفمبر 2024، بعد توقف دام 6 أشهر. في السابق، قام هذا البنك بـ18 عملية شراء صافية متتالية للذهب.

وبحسب أحدث تقرير سنوي صادر عن مجلس الذهب العالمي، فإن أسعار الذهب ستسجل رقماً قياسياً 40 مرة في عام 2024، عندما يصل الطلب العالمي على الذهب إلى ذروة تاريخية تبلغ 4974 طناً. ويستمر هذا الاتجاه حتى عام 2025.

وقال فيليب سترايبل، كبير الاستراتيجيين في بلو لاين فيوتشرز، إن استمرار ارتفاع الذهب منذ ديسمبر/كانون الأول 2024 قد يخلق تأثيراً جديداً يدفع الأسعار إلى مستويات أعلى. ويتوقع أن يصل سعر الذهب إلى 3250-3500 دولار للأوقية في المستقبل القريب.

العديد من المخاوف الجديدة

ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الذهب له تأثيرات مختلطة على صناعة المجوهرات، وخاصة في مراكز تجارة الذهب الكبرى مثل هاتون جاردن (لندن).

قالت نقاش أنجوم، مالكة متجر "تاتش أوف جولد" للمجوهرات، إن العديد من قطع المجوهرات التي كانت في السابق بأسعار معقولة أصبحت الآن باهظة الثمن، مما تسبب في انخفاض المبيعات. أصبح عدد الراغبين في بيع الذهب يفوق عدد المشترين، مما يؤثر على مبيعات المجوهرات، خاصة خلال الأعياد مثل عيد الحب.

وبحسب مجلس الذهب العالمي، سينخفض ​​الطلب العالمي على المجوهرات بنسبة 11% في عام 2024، على الرغم من أن الإنفاق الإجمالي على المعدن النفيس لا يزال يزيد بنسبة 9%، مما يعكس ارتفاع أسعار الذهب.

ولم تؤثر سياسة التعريفات الجمركية التي ينتهجها الرئيس ترامب على صناعة المجوهرات فحسب، بل تسببت أيضًا في موجة من انتقال الذهب من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة.

وقد أدت المخاوف بشأن انخفاض الإمدادات الأميركية في حال أدت الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترامب إلى زيادة تكلفة واردات الذهب إلى جعل الذهب أكثر تكلفة في الولايات المتحدة مقارنة بأي مكان آخر.

وشهد بنك إنجلترا، الذي يمتلك ثاني أكبر احتياطيات من الذهب في العالم، ارتفاعا كبيرا في الطلب على سحب الذهب. أصبحت نوافذ سحب الذهب في بنك إنجلترا ممتلئة، حيث يسارع التجار إلى شحن الذهب إلى الولايات المتحدة للاستفادة من السعر. وقال نائب محافظ بنك إنجلترا ديف رامسدن إن احتياطيات البنك من الذهب انخفضت بنحو 2% منذ نهاية عام 2024.

وفي اليابان، أدى ارتفاع أسعار الذهب وانتعاش السياحة بعد جائحة كوفيد-19 إلى زيادة تهريب الذهب. وتضطر الجمارك اليابانية إلى تشديد الرقابة على الحدود بسبب تزايد أساليب التهريب تعقيدا، مثل إخفاء مسحوق الذهب داخل الملابس.

توقعات غير متوقعة

في حين تواصل أسعار الذهب تسجيل مستويات مرتفعة جديدة، يحذر الخبراء أيضا من المخاطر المحتملة. وعلقت صفحة "مورنينج يونيون" (هونج كونج) على أن موجة ارتفاع أسعار الذهب الأخيرة ربما تكون بسبب أنشطة المضاربة، التي استغلت تنصيب السيد ترامب ورأس السنة القمرية الجديدة لدفع أسعار الذهب إلى الارتفاع. بمجرد أن يقترب سعر الذهب من عتبة 3000 دولار للأوقية أو يتجاوزها، إذا لم تكن هناك تقلبات اقتصادية أو جيوسياسية كبيرة، فقد ينخفض ​​سعر الذهب بشكل حاد. وينصح المستثمرين العاديين بعدم اتباع الحشود، لتجنب الوقوع في حالة "الشراء في الأعلى والبيع في الأسفل".

رغم التحذيرات، لا يزال العديد من الخبراء يعتقدون أن أسعار الذهب ستظل مرتفعة في الفترة المقبلة. ويتوقع هونج دونج هي، كبير استراتيجيي الاستثمار في بنك ستاندرد تشارترد كوريا، أن يستمر اتجاه أسعار الذهب الصعودي في النصف الأول من عام 2025، وذلك بفضل توقعات التيسير من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والطلب على الأصول الآمنة خلال فترة ولاية ترامب الثانية. في رأيه، سوف يجد المستثمرون الذهب جذاباً عندما يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لأن عائدات السندات وحسابات التوفير تنخفض، مما يعوض التكلفة البديلة للاحتفاظ بالمعدن الثمين غير المدر للعائد. بإمكانهم زيادة حيازاتهم من الذهب بالدولار الأمريكي، وذلك بفضل سياسة التيسير النقدي التي ينتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي وانخفاض قيمة الدولار الأمريكي.

ومع ذلك، لا يزال سوق الذهب يعاني من العديد من العوامل غير المؤكدة، وخاصة التطورات غير المتوقعة في سياسة التعريفات الجمركية الأمريكية والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. ويحتاج المستثمرون إلى مراقبة هذه التطورات عن كثب لاتخاذ قرارات الاستثمار المناسبة.

مينه هانج/وكالة أنباء فيتنام (تلخيص)

المصدر: https://baotintuc.vn/thi-truong-tien-te/thi-truong-vang-lai-len-con-sot-20250215081724644.htm


تعليق (0)

No data
No data

Event Calendar

نفس الموضوع

نفس الفئة

نفس المؤلف

No videos available