
توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي هي المحرك الرئيسي لأسعار المعادن الثمينة
وشهد النصف الأول من عام 2024 فترة ازدهار في سوق المعادن الثمينة مع تحول انتباه المستثمرين إلى تحركات بنك الاحتياطي الفيدرالي، وخاصة في سياق إظهار التضخم في الولايات المتحدة علامات التبريد. وبحسب بيانات بورصة السلع الفيتنامية (MXV)، فإن أسعار الفضة ارتفعت بنسبة تزيد عن 25% منذ بداية العام، متجاوزة معدل نمو أسعار الذهب.
إلى جانب الطلب على الاستثمارات الآمنة بسبب الصراعات الجيوسياسية، فإن أحد الأسباب الرئيسية التي تدعم ارتفاع أسعار الفضة يأتي من التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة هذا العام. في أوائل شهر مارس/آذار، عندما بدأت أسعار الفضة في الارتفاع، توقع السوق أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثلاث إلى أربع مرات بدءًا من شهر يونيو/حزيران. وأدى ذلك إلى تباطؤ ارتفاع الدولار الأمريكي، بل وانخفاضه في بعض الأحيان، كما ساهم بشكل غير مباشر في ارتفاع أسعار المعادن الثمينة، والتي تتأثر بأسعار الفائدة وتقلبات العملات.
في غضون ذلك، أصبح البنك المركزي الأوروبي في 6 يونيو/حزيران من أوائل البنوك التي مهدت الطريق لدورة تيسير نقدي بخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 3.75% من 4%، مسجلاً أول خفض لسعر الفائدة منذ سبتمبر/أيلول 2019. كما ارتفعت أسعار الفضة والبلاتين بشكل حاد خلال الجلسة، ويرجع ذلك أساسًا إلى توقعات السوق بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيتبع قريبًا نهج البنك المركزي الأوروبي.
لكن جلسة التداول الأسبوع الماضي شهدت انخفاضا حادا في أسعار المعادن الثمينة، مع ارتفاع بيانات الرواتب أكثر من المتوقع، مما أدى إلى تآكل ثقة المستثمرين في السوق ووضع بنك الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب.
بنك الاحتياطي الفيدرالي في مأزق
وبحسب البيانات التي نشرتها وزارة العمل الأميركية في السابع من يونيو/حزيران، أضافت الرواتب غير الزراعية في الولايات المتحدة 272 ألف وظيفة في مايو/أيار، وهي زيادة حادة مقارنة بـ165 ألف وظيفة معدلة في أبريل/نيسان، وتتجاوز بكثير توقعات خبراء الاقتصاد بإضافة 190 ألف وظيفة.
كما تجاوز نمو الأجور بالساعة التوقعات، حيث ارتفع بنسبة 0.4% شهريًا و4.1% سنويًا في عام 2023. وفي الوقت نفسه، لا يزال معدل البطالة، على الرغم من ارتفاعه إلى 4%، وهو أعلى مستوى له منذ فبراير 2022، يُعتبر منخفضًا مقارنة بفترة ما بعد الأزمة في عامي 2000 و2008.

إن سوق العمل المستقرة وارتفاع الدخول هي رسالة محبطة في محاولة بنك الاحتياطي الفيدرالي لتهدئة التضخم وقد قلبت تفاؤل السوق رأساً على عقب. وانخفضت الرهانات على خفض أسعار الفائدة في سبتمبر/أيلول، وهو ما يتوقعه معظم المتداولين، إلى نحو 50% مقارنة بأكثر من 60% قبل أسبوع، وفقا لـ FedWatch، وهي منصة لتتبع أسعار الفائدة.
ومع ذلك، فإن الحرارة في سوق العمل تظهر صورة متناقضة مع بعض البيانات الأخيرة، مما يعكس تباطؤ الاقتصاد الأميركي. يُشار إلى أن البيانات الواردة في التعديل الثاني لمكتب التحليل الاقتصادي الأميركي تظهر أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي في الربع الأول من عام 2024 ارتفع بنسبة 1.3% فقط مقارنة بالربع السابق، بدلاً من الزيادة بنسبة 1.6% كما في الإعلان الأولي.
قال السيد فام كوانغ آنه، مدير مركز أخبار السلع في فيتنام: "إن هدف "الهبوط السلس" سيدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لسياسته النقدية. لذلك، لا يزال احتمال تغيير الاحتياطي الفيدرالي لسياسته في سبتمبر واردًا تمامًا".
يعتمد اتجاه أسعار المعادن الثمينة على سيناريوهات بنك الاحتياطي الفيدرالي
في السياق الحالي للاقتصاد الأميركي، لن يكون من المستغرب إذا لم يتخذ بنك الاحتياطي الفيدرالي أي خطوات جديدة في اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في وقت مبكر من صباح يوم 13 يونيو/حزيران، ولن يكون من المستغرب للغاية إذا استمر مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي في الدعوة باستمرار إلى الحفاظ على أسعار الفائدة لفترة أطول، حتى ينخفض التضخم إلى هدف 2% بطريقة مستدامة.
قد تؤدي الضغوط الناجمة عن السياسة النقدية التي ينتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى فرض ضغوط على أسعار الفضة لتصحيح وضعها في الأمد القريب مع تحول السوق إلى مزيد من الحذر، وهو ما ينعكس أيضاً في تقديرات مجموعة من البنوك.
وفي أحدث توقعاتها، قالت سيتي بنك إن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس هذا العام، في ثلاثة أشهر متتالية، بدلا من أربعة تخفيضات تبدأ في يوليو/تموز. حتى أن جي بي مورجان قد غير توقعاته من ثلاثة تخفيضات هذا العام إلى تخفيض واحد فقط، قائلاً إن بنك الاحتياطي الفيدرالي لن يتخذ أي خطوة حتى نوفمبر/تشرين الثاني على الأقل.

وبحسب السيد كوانج آنه، فإن هذين هما أيضا السيناريوهان الأكثر احتمالا اللذين يمكن أن يحدثا في الوقت الحاضر. إذا خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة كما هو متوقع، فقد يضعف الدولار الأمريكي، مما يخلق زخما لتعزيز أسعار المعادن الثمينة. وفي السيناريو الأول، عندما من المتوقع أن يمثل شهر أغسطس مرحلة الطفرة الثانية في السوق، قد تستعيد أسعار الفضة مستوى 35 دولاراً للأونصة.
علاوة على ذلك، لا يمكن تجاهل توازن العرض والطلب والمخاطر الجيوسياسية، حيث يُعتبران أيضًا عاملين رئيسيين في سوق المعادن الثمينة في النصف الثاني من عام 2024. ووفقًا للمعهد الدولي للفضة، يتجه سوق الفضة نحو عامه الرابع على التوالي من العجز، ومن المتوقع أن يكون العجز في عام 2024 ثاني أكبر عجز في التاريخ. وفي الوقت نفسه، تستمر التوترات في غزة بين إسرائيل وحماس، ويتصاعد الصراع بين إسرائيل ولبنان، مما يعزز دور الأصول الآمنة مثل الذهب والفضة.
مصدر
تعليق (0)