حصل ثلاثة اقتصاديين هم دارون أسيموغلو وجيمس روبنسون وسايمون جونسون (من اليسار) على جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2024 - الصورة: رويترز، معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا
وليس من المستغرب أن تُمنح جائزة نوبل في الاقتصاد لهذا العام لثلاثة خبراء اقتصاديين مؤسسيين أميركيين، هم دارون أسيموغلو، وسايمون جونسون، وجيمس روبنسون، تقديراً لأبحاثهم الرائدة حول كيفية تشكيل المؤسسات لازدهار الأمم.
توفر أعمال أساتذة الاقتصاد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة شيكاغو رؤى حول العوامل التي تحدد النمو والازدهار في بعض البلدان بينما تظل بلدان أخرى عالقة في الفقر والتخلف.
وبعبارة أخرى، ساعدت الأبحاث التي أجراها ثلاثة خبراء اقتصاديين مؤسسيين في استكشاف دور المؤسسات في تحديد ما إذا كانت دولة ما ستتطور أو ستظل عالقة في براثن الفقر.
وقال السيد جاكوب سفينسون (رئيس لجنة جائزة العلوم الاقتصادية) إن الحائزين الثلاثة على الجائزة حددوا الجذور التاريخية للبيئات المؤسسية الضعيفة التي تميز العديد من البلدان المنخفضة الدخل اليوم.
أهمية المؤسسات التقدمية
بالنسبة للدول النامية والناشئة مثل فيتنام، تقدم جائزة نوبل في الاقتصاد لهذا العام (المعروفة أيضًا بجائزة نوبل في العلوم الاقتصادية) دروسًا عميقة وذات مغزى حول أهمية المؤسسات التقدمية والشاملة، وخاصة في سياق جهود فيتنام لتعزيز الإصلاحات المؤسسية.
في دراساتهما العديدة، وأبرزها كتابهما الشهير "لماذا تفشل الأمم: أصول القوة والازدهار والفقر"، يزعم دارون أسيموجلو وجيمس روبنسون أن بعض الدول أكثر ثراءً وازدهارًا من غيرها بسبب مؤسساتها السياسية والاقتصادية، وليس بسبب مناخها أو جغرافيتها أو ثقافتها.
وبعبارة أخرى، فإن المؤسسات ــ بما في ذلك المؤسسات السياسية والاقتصادية ــ هي التي ستشكل مصير الإنسان، وليس القدر. إن المؤسسات الجيدة (والتي تسمى المؤسسات "الشاملة" أو "التكاملية") سوف تعمل على تسهيل جذب الاستثمار، مما يؤدي إلى خلق النمو والازدهار؛ في حين أن المؤسسات السيئة (المؤسسات الاستخراجية أو "الاستخراجية") سوف تجعل البلدان أقل جاذبية، وغير مستقرة، وأكثر فقراً على نحو متزايد.
تعمل المؤسسات "الشاملة" على تعزيز المشاركة الواسعة للمواطنين والمجتمع ككل في الحياة الاقتصادية والسياسية، وحماية حقوق الأعمال والملكية، وتشجيع الابتكار والإبداع. وعلى النقيض من ذلك، في الدول ذات المؤسسات "الاستخراجية"، غالبا ما تتركز السلطة والثروة في أيدي نخبة صغيرة، مما يحد من المشاركة الشعبية وغالبا ما يخنق الابتكار.
إن المؤسسات الشاملة تمكن جميع المواطنين من الحصول على الحق والفرصة للمساهمة في النشاط الاقتصادي والاستفادة من ثمار النمو. وفي الوقت نفسه، تم تصميم المؤسسات "الاستخراجية" لاستغلال الموارد، والسعي إلى الحصول على امتيازات خاصة، لصالح قلة قليلة، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة من الفقر وعدم المساواة والتخلف.
دروس عميقة كثيرة لفيتنام
يمكن القول إن جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2024 تجلب العديد من الدروس العميقة والمهمة إلى فيتنام، خاصة في الفترة التي يبذل فيها الحزب والدولة جهودا كبيرة لتعزيز الإصلاح المؤسسي كواحد من ثلاثة اختراقات استراتيجية.
لقد تم تنفيذ عملية التجديد والانفتاح الاقتصادي في البلاد منذ ما يقرب من أربعة عقود، في شكل التحول من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق، ولكن في جوهرها كان التحول نحو تطبيق مؤسسات اقتصادية أكثر شمولاً وشمولاً.
وقد ساهمت هذه الإصلاحات بشكل حاسم في الحد من الفقر في فيتنام وتحقيق النمو الاقتصادي المذهل، وهو ما حظي بتقدير كبير من المجتمع الدولي. ولكن جمود الإصلاحات القديمة لم يعد موجودا، ومن الضروري خلق زخم قوي للإصلاح المؤسسي للحفاظ على مسار النمو، وجعل بلادنا دولة مرتفعة الدخل بحلول عام 2045 كما حدده المؤتمر الوطني الثالث عشر للحزب.
وتؤكد الدروس المستفادة من دراسات أسيموغلو (التركي الأميركي) وجونسون وروبنسون (البريطاني الأميركي) على أهمية تبني المؤسسات "الشاملة" والحفاظ عليها لتعزيز الشفافية والحوكمة الرشيدة والمشاركة الواسعة من جانب جميع الأطراف الفاعلة في صنع القرار الاقتصادي.
وربما ساعد عمل الأساتذة فيتنام في إيجاد حلول لتحديات التنمية التي تواجهها، مما فتح إمكانات أعظم للتنمية المستقبلية للبلاد.
ويجب على هذه المؤسسات "الشاملة" ضمان حقوق الملكية للمواطنين، وتعزيز المنافسة العادلة، ورعاية ريادة الأعمال الصحية، وتشجيع الابتكار، وتعزيز المرونة، وتعزيز التكامل الاقتصادي والتنويع، وتعزيز التقدم الاقتصادي وتقدم المجتمع ككل.
وبالإضافة إلى بناء المؤسسات الجيدة، فإن الدروس المهمة المستفادة من دراسات أسيموغلو وجونسون وروبنسون هي تجنب المؤسسات "الاستخراجية"، حيث تتركز القوة الاقتصادية في أيدي نخبة صغيرة ومجموعات متميزة، مما يؤدي إلى زيادة التفاوت وإضعاف إمكانات النمو في البلاد على المدى الطويل.
وهذه مشكلة شائعة تواجهها العديد من البلدان النامية والناشئة، حيث غالباً ما تعارض مجموعة صغيرة متميزة الإصلاحات المؤسسية التي تعود بالنفع على السكان بأكملهم.
وبالنسبة لفيتنام، فإن هذا يعني ضرورة مواصلة الجهود لمكافحة الفساد والهدر وضمان المساءلة عن النتائج أمام الشعب.
وفي الآونة الأخيرة، حققت حملة الحزب لمكافحة الفساد العديد من النتائج المهمة، وفي مقدمتها بناء ثقة الشعب. ولكننا نحتاج أيضاً إلى إصلاح أوجه القصور المؤسسية القائمة بطريقة أكثر شمولاً وإدماجاً لكي تكون الحل الأساسي لمكافحة الفساد والهدر.
وبهذه الطريقة فقط يمكن لبلدنا أن يعزز البيئة المواتية للابتكار وريادة الأعمال، ويعزز النمو المستدام والشامل، ويجلب الرخاء للأمة وشعبها.
[إعلان 2]
المصدر: https://tuoitre.vn/nobel-kinh-te-2024-va-bai-hoc-ve-the-che-cho-viet-nam-20241015081612447.htm
تعليق (0)