وتأتي طائرة المساعدات تنفيذاً لتوجيهات القيادة السعودية لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتقديم المساعدات الغذائية والإيوائية للمتضررين من الفيضانات. (المصدر: وكالة الأنباء السعودية) |
انطلقت أول رحلة مساعدات سعودية من مطار الملك خالد الدولي بالرياض إلى مطار بنينا الدولي في بنغازي يوم 16 سبتمبر/أيلول الجاري، وعلى متنها 90 طناً من المواد الغذائية والإغاثية لتوزيعها على المتضررين من الفيضانات في ليبيا.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان وجها مؤخرا مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتقديم مساعدات غذائية وإيوائية للمتضررين. وسيشرف فريق متخصص من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على إيصال المساعدات بالتنسيق مع الهلال الأحمر الليبي.
وأكد المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله الربيعة أن هذه الجهود تأتي في إطار الدور الإنساني للمملكة في دعم الدول في أوقات الأزمات والمحن.
كارثة غير مسبوقة...
تسببت الأمطار الغزيرة الناجمة عن العاصفة دانيال في أضرار جسيمة في شرق ليبيا مساء يوم 10 سبتمبر، حيث دمرت سدين بالقرب من مدينة درنة الساحلية، مما أدى إلى فيضان المياه في الوادي. قالت جمعية الهلال الأحمر الليبي إن حصيلة القتلى في مدينة درنة وصلت إلى 11300 حتى 14 سبتمبر/أيلول (بالتوقيت المحلي). ومن المتوقع أن يرتفع عدد القتلى حيث لا يزال نحو 10100 شخص في عداد المفقودين.
وفي تصريحات لقناة العربية في 15 سبتمبر/أيلول، قال عميد بلدية درنة عبد المنعم الغيثي إن عدد القتلى قد يصل إلى 20 ألف شخص. ولا يزال آلاف الأشخاص مدفونين تحت الأنقاض أو جرفتهم مياه الفيضانات إلى البحر الأبيض المتوسط، بحسب مسؤولين محليين.
وبحسب وكالة الأناضول ، فإن الفيضانات التي تسببت بها العاصفة دانيال، تعد كارثة غير مسبوقة في منطقة المغرب العربي أو العالم العربي أو حتى على مستوى العالم في القرن الحادي والعشرين. ومرت سبعة أيام، و"رائحة الموت تملأ الأجواء"، كما قال علي الغزالي، أحد سكان درنة.
وقال توفيق شكري، المتحدث باسم الهلال الأحمر الليبي، إن فرق الإنقاذ المحلية والدولية تعمل على مدار الساعة للبحث عن جثث وناجين محتملين.
في غضون ذلك، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة في 15 سبتمبر/أيلول أن أكثر من 38640 شخصا في شمال شرق ليبيا تم إجلاؤهم من المناطق التي غمرتها الفيضانات بشدة، بما في ذلك 30 ألف شخص في درنة وحدها.
رجال الإطفاء والمنقذون يبحثون عن ناجين تحت أنقاض مبنى منهار في مدينة درنة في 14 سبتمبر/أيلول. (المصدر: فرانس برس) |
قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث إن تأثير تغير المناخ وانعدام القدرة على الاستجابة للطوارئ للكوارث كانا السببين الرئيسيين لوفاة الآلاف في أسوأ كارثة فيضانات في التاريخ الحديث في ليبيا.
أعلن النائب العام الليبي صادق الصور، في مؤتمر صحفي مساء يوم 15 سبتمبر/أيلول، عن تشكيل لجنة تحقيق مكونة من 26 عضوا من جهات أخرى عديدة لمعرفة أسباب انهيار السدين اللذين أدى إلى كارثة الفيضانات الخطيرة. وسوف يوضح التحقيق أدوار ومسؤوليات الأفراد والمنظمات المشاركة في الحادث، وخاصة استنتاج ما إذا كانت هناك أي انتهاكات أم لا.
وكشف تقرير صادر عن هيئة الرقابة الوطنية الليبية في عام 2021 أن السدين اللذين تم بناؤهما في سبعينيات القرن الماضي لم يخضعا للصيانة، على الرغم من إنفاق الحكومة أكثر من مليوني دولار لهذا الغرض في عامي 2012 و2013.
وحذرت منظمة الإغاثة الإسلامية من "أزمة إنسانية ثانية" في أعقاب الفيضانات، مشيرة إلى "زيادة مخاطر الأمراض المنقولة بالمياه ونقص الغذاء والمأوى والدواء". |
تضامن المجتمع الدولي
في 14 سبتمبر/أيلول، أطلقت الأمم المتحدة نداء لجمع أكثر من 71 مليون دولار لدعم مئات الآلاف من الأشخاص المحتاجين، وإنشاء ممر بحري للإغاثة الطارئة والإجلاء.
وفي اليوم نفسه، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن المنظمة ستخصص مليوني دولار من صندوق الطوارئ لدعم الضحايا. وقال تيدروس إن الفيضانات في ليبيا "كارثة واسعة النطاق"، وإن الاحتياجات الصحية للناجين أصبحت أكثر إلحاحاً مع استمرار ارتفاع عدد القتلى.
إلى جانب التعازي والتعهدات بالوقوف إلى جانب الشعب الليبي خلال المأساة المفجعة، تسارعت مهمة الإغاثة حيث كانت تركيا ومصر والإمارات العربية المتحدة من بين أوائل الدول التي كثفت مساعداتها للدولة الواقعة في شمال أفريقيا.
بعد يومين من الكارثة، أرسلت تركيا ثلاث طائرات تحمل مساعدات إنسانية إلى ليبيا، بالإضافة إلى فريق إنقاذ وفريق طبي مكون من 11 عضوًا. وتشارك ثلاث طائرات عسكرية تابعة للقوات المسلحة المصرية تحمل إمدادات طبية وأغذية وفريقا من 25 فردا من رجال الإنقاذ في عمليات الإغاثة في الدولة المجاورة.
الإمارات ترسل طائرتي مساعدات تحملان 150 طناً من المواد الغذائية والإغاثية والمستلزمات الطبية. وأرسلت الكويت طائرة تحمل 40 طنا من الإمدادات، فيما أرسلت الأردن طائرة عسكرية محملة بالمواد الغذائية والخيام والبطانيات والفرش. حشدت الجزائر ثماني طائرات تابعة للقوات الجوية الجزائرية لنقل السلع الأساسية مثل المواد الغذائية والإمدادات الطبية والملابس والخيام.
وفي حين أعلنت بريطانيا أنها سترسل "حزمة مساعدات أولية" بقيمة مليون جنيه إسترليني (1.25 مليون دولار)، خصصت إيطاليا 350 ألف يورو (373 ألف دولار) للدعم الأولي وأرسلت ثلاث طائرات تحمل معدات وفرق إنقاذ إلى ليبيا. كما أرسلت ألمانيا طائرتي نقل عسكريتين تحملان 30 طناً من الإمدادات، بما في ذلك الخيام والبطانيات وأسرّة التخييم وغيرها. وتعهدت النرويج بتقديم 25 مليون كرونة نرويجية (2.32 مليون دولار) وهي مستعدة لتقديم المزيد من الدعم لمساعدة ليبيا على مواجهة الكارثة.
وتقدم اليابان مواد إغاثة ومساعدات غذائية تبلغ قيمتها نحو 700 ألف دولار، والتي سيتم سحبها من المساعدات اليابانية المتاحة بالفعل في ليبيا والتي تم إرسالها من خلال برنامج الغذاء العالمي في وقت سابق.
وكانت رحلة المساعدات السعودية التي أرسلت في 16 سبتمبر/أيلول هي أحدث الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لتقاسم المعاناة مع ليبيا. قد يستغرق الأمر أشهرًا، بل سنوات، حتى يتعافى سكان درنة من الكارثة، لكن آلام الخسارة قد تستغرق وقتًا أطول حتى تخف...
[إعلان 2]
مصدر
تعليق (0)